فن الإنصات

المصدر : مجلة تطوير الذات
مهارة الهدوء تسمى بــ ((فن الإنصات))

لطفي الرابغي

ليست كثرة الكلام دليلاً على قوة الشخصية ولا قوة التأثير، بل ربما تنتهي كثرة الكلام إلى ما لا يحمد عقباه من النتائج، فإذا زاد الكلام عن حدّه ابتلي بالتكرار، فبعض الناس لا يتكلم كثيرا ولا تكاد تسمع صوته، ومع ذلك يحبه الناس، ويأنسون بمجالسته، فقد أوردت التجارب وما أثبته علماء النفس الاجتماعي في أن الاستماع الجيد من أهم الأدوات الرئيسة للوصول إلى قلوب الآخرين والتفاهم المثمر معهم. إن الاستماع إلى الناس فن و مهارة وهي من أبرز سمات العظماء وأصحاب النفوذ والتأثير في المجتمعات، ولا يتساوى الأفراد بمواهبة القدرة على الإنصات لكنا جميعاً قادرون على تعلّم فن الإنصات إذا ما بذلنا جهداً واعياً.

ومن أهم أسباب مشاكل الناس هي عدم إحسان الإنصات إليهم فكم من موضوع أسيء فهمه أدى إلى قطيعة أو خلاف بدأ صغيراً ثم أصبح كبيراً. ولذلك نجد أن الأشخاص الذين يتمتعون بمهارات الاستماع الجيد هم الذي يحصدون المراكز الأولى في معظم الشركات والإنصات ليس معناه مجرد سماع الكلمات، بل فهم ما وراء الكلمات..

فهم المضمون ووجهة نظر المتحدث ومشاعره وملاحظة لغة جسده وتعبيرات وجهه ونبرة كلامه، وهذه المهارة من المهارات الهامة التى تساعدك على بناء علاقات اجتماعية متميزة، فالناس تحب من ينصت إليها. فكونك مستمعاً جيداً لا يعني أنك تفهم المتحدث فحسب؛ بل تلفت انتباه المتحدث وتحفزه لسماع ما ستتحدث عنه..

وتحتاج لامتلاك هذه المهارة عدة أمور إن إنصاتك باهتمام، وليس مجرد الاستماع، بالإضافة إلى كونه يساعدك على فهم الآخرين بشكل أكثر عمقا فإنه يمنحهم راحة كبيرة فى التعامل معك، فلا أجمل ولا أروع في هذا العالم من أن يعطينا شخص وقته وقلبه ليستمع إلينا، ويتفهم مشاعرنا ويدعمها.. مما يعطينا شعورا عاما بالاسترخاء والثقة بالذات والإقبال على الحياة بكل حب وأريحية. فعود نفسك على الإنصات لكلام الآخرين وحتى لو كان لك على الكلام ملاحظة فلا تتعجل.

قال بعض الحكماء:
"إذا جالست الجهال فأنصت لهم...
وإذا جالست العلماء فأنصت لهم ..
فإن في إنصاتك للجهال زيادة في الحلم، وإن في إنصاتك للعلماء زيادة في العلم"